ما هو الاستنجاء والفرق بين الاستنجاء والاستجمار

ما هو الاستنجاء What is Istinja فجميع العبادات تتطلب أن يكون المسلم على طهارة والتخلص من أي خبث أو نجاسة في بدنه، ويعد الاستنجاء من إحدى صور الطهارة التي ترتبط بأحداث خاصة حتى تستوجب استباحة الصلاة، ولهذا سنلقي الضوء اليوم على تعريف الاستنجاء ومتى يجب القيام به وأحكامه الخاصة فتابعوا معنا.

ما هو الاستنجاء

الاستنجاء في اللغة العربية هو مصدر استفعال؛ ويعني النجو أي القطع، والخلاص، فعلى سبيل المثال استنجى من كذا أي خلص منه، وهو مأخوذ من النجوة وهي ما ارتفع عن الأرض؛ لأنه إذا أراد قضاء الحاجة استتر بها.

أما معنى الاستنجاء في الشرع يعني تطهير السبيلين وهما القبل والدبر من الأذى والخبث الخارج منهما، حيث يتم الاستنجاء بالمسح بالماء، أو المسح بالحجارة وغيرها، كما يطلق عليه مسمى الاستطابة؛ وذلك لأنه يطيب الجسم بواسطته رفع الأذى عنه.

آداب الاستنجاء

نستكمل التعرف على ما هو الاستنجاء بواسطة التعرف على الآداب الخاصة به التي يجب على كل مسلم الالتزام بها، وتتمثل فيما يلي:

عدم الاستنجاء باليد اليمنى

على كل مسلم ألا يستنجي باليد اليمنى ويكون الاستنجاء باليد اليسرى؛ وذلك تأكيدًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى لما رواه سلمان الفارسي قال “نَهانا أنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ لِغائِطٍ، أوْ بَوْلٍ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ باليَمِينِ”.

عدم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

القبلة هي محل تكريم كبير ولها مكانة مقدسة، إذ يتوجه إليها المسلمين عند الدعاء والصلاة، وبناء على ذلك نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن استدبار الكعبة عند قضاء الحاجة؛ كما ورد في الحديث الشريف “إذا أتَيْتُمُ الغائِطَ فلا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، ولا تَسْتَدْبِرُوها ببَوْلٍ ولا غائِطٍ، ولَكِنْ شَرِّقُوا، أوْ غَرِّبُوا”.

عدم الاستجمار بالروث والعظم

حرام شرعًا الاستنجاء باستخدام الأمور النجسة مثل العظم، والروث، لكن يجوز استخدام الحجارة، أو الورق، أو المناديل، ونحوها للاستنجاء، حيث إن النجاسة لا تُرفع بالنجاسات، لقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- “إذا ذَهَبَ أحدُكم إلى الخلاءِ، فلا يَسْتَقْبِلْ القبلةَ، ولا يَسْتَدْبِرْها، ولا يَسْتَنْجِ بيمينِه. وكان يَأْمِرُ بثلاثةِ أحجارٍ، ونهى عن الرَّوْثِ والرِّمَّةِ”.

حكم الاستنجاء

بالتعرف على ما هو الاستنجاء وجدنا أقوال عدة للفقهاء بخصوص حكم الاستنجاء والتي جاءت على النحو التالي:

• حجم الجمهور من الفقهاء: في رواية الإمام الشافعي والإمام مالك، والإمام أحمد، إلى أن الاستنجاء واجب في حال خروج النجاسة سواء من بول أو غائط ويجب استخدام الماء للتطهير منها، وخاصة قبل أداء الصلاة.
• حكم الإمام أبو حنيفة والإمام مالك: كانت آرائهم متجه نحو أن حكم الاستنجاء سنة، وخصصوها في حال كانت النجاسة بمقدار الدرهم البغلي أو أقل، وهو نوع من الدراهم الفارسية الفضية، لكن إن تجاوزت مقدار النجاسة القدر المذكور فيجب الاستنجاء.

هل الاستنجاء شرط لصحة الوضوء؟

صرح أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الاستنجاء عبارة عن إزالة الأذى من البدن بعد قضاء العلاقة، فلا علاقة للاستنجاء بصحة الوضوء، وبالتالي يجوز الوضوء من غير استنجاء؛ وأضاف أنه في حال انعدام نجاسة في جسم الإنسان فيجب أن يتوضأ مباشرة، كما هو الحال مع من يخرج منه الريح من غير خروج نجاسة.

أما من عجز عن الاستنجاء بسبب ظروف المكان أو عدم القدرة البدنية، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ويسقط عنه الاستنجاء.

حكم الاستعانةِ بالغَيرِ في الاستنجاءِ عند العجز

نص جمهور الحنفية، والمالكية، والحنابلة على أن العاجز عن الاستنجاء بنفسه؛ يجب عليه الاستعانة بغيره ممن يجوز لهم رؤية عورته كالزوجة، فالقاعدةَ في الواجباتِ محلها الاستطاعة، وما عجَزَ عن مقدرته يبقى ساقطًا.

حكم النية للاستنجاء

اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة من الحنفية والحنابلة والمالكية والشافعية، أنه لا يوجد شرط استحضار النية للاستنجاء، فمن خلال التعرف على ما هو الاستنجاء، يجدر بنا القول أن إزالة الخبث لا يُشترط لها عقد النية.

محلُّ الاستنجاء

في إطار التعرف على ما هو الاستنجاء وجب التنويه على أماكن الجسم اللازم تطهيرها عن طريق الاستنجاء، وسنوضحها بواسطة ما يلي:

• حلقة الدبر: اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة على وجود غسل الموضع الخارج من الدبر وما حوله، حتى يتم التطهير الكامل من النجاسة، مع التأكيد على أن المكان الذي لم تقع عليه النجاسة لا يجب غسله.
• العضو الذكري: أشار الفقهاء الأربعة إلى أن الظاهر من الذكر يجب غسله، والمقصود هُنا الثقب الخارج منه البول، مع عدم الاشتراط بغسل الحفشة.

حكم الاستنجاء بالمناديل الورقية

صرحت دار الإفتاء المصرية، أنه يجوز الاستنجاء بالمناديل الورقية من البول أو الغائط؛ واستشهدوا في ذلك على معنى الحجر المنصوص عليه، فالمناديل الورقية بديلة للحجر في العصور السابقة، وهي إلى ذلك لا تعد من الورق المنهي عن الاستنجاء به؛ لأنها مخصصة في الأصل للاستنجاء، إضافة إلى أن استخدامها يعد أفضل من كثير من الجامدات الأخرى؛ لأنها أقوى في التجفيف.

الفرق بين الاستنجاء والاستجمار

في ظل التعرف على ما هو الاستنجاء، وجب التنويه على وجود بعض الفروقات بينه وبين الاستجمار، وهذا ما نكشف عنه من خلال ما يلي:

1-معنى الاستنجاء

الاستنجاء يتمثل في قيام المسلم باستخدام الماء الطهور في إزالة ما يخرج من أحد السبيلين، أو استخدام حجر طاهر قبل استخدام الماء، حيث توجد ثلاث أمور هامة يجب توضيحهم وهم:

• نبي الله إبراهيم -عليه السلام هو أول من استنجى بالماء.
• الاستطابة هي الاستنجاء بالماء أو الحجارة.
• لا يجب الاستنجاء بسبب النوم، أو إطلاق الريح على حسب إجماع العلماء.

2-معنى الاستجمار

الاستجمار هو طلب الجمار أي الحجارة الصغيرة، وهو يعني إزالة النجاسة التي تخرج من أحد السبيلين بالحجارة فقط، أو ورق في عصرنا الحالي، ويُستحب استخدام عدد أحجار فردي، وذلك بدليل قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “ومَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ”، ويجب أن تتوافر في هذه الحجارة عدة شروط، وهي:

• يجب أن تكون الأحجار طاهرة.
• الأحجار أو ما يعادلها لا تكون مغصوبة لأحدهم.
• ألّا تكون طعام ولو لحيوان.
• ألا تكون من الأشياء المتعلقة بكتب العلم، ولا بشيء متصل بحيوان نحو شعره أو صوفه.
• أن يكون الحجر قادرا على تنقية محل النجاسة، لذا فلا يجب استخدام الزجاج، ولا الرخو والرطب أيضاً.

أهمية الطهارة للمسلم والمسلمة

الاستنجاء من الطهارة الواجبة على المسلم، حيث تحتل أهمية بالغة تتمثل فيما يلي:

• طهارة الجسم من الأركان الأساسية لصحة الصلاة.
• من أسباب تعذيب الإنسان في القبر عدم الحفاظ على الطهارة وبقائه على جنابة أو نجاسة لوقت طويل.
• يحب الله عباده المتطهرين.
• على المسلم أن يكون على طهارة بشكل دائم إذا أراد أن يتقرب من ربه.
• الطهارة تحمي الجسم من الإصابة بالأمراض والعدوى.

من خلال التعرف على ما هو الاستنجاء نؤكد على أنه من صور الطهارة التي تتعلق بإزالة النجاسة من مكان خروجها بالجسم، فمن أراد أن يتقرب من الله عز وجل عليه أن يحافظ على طهارته.