كيفية الصلاة على الميت في الإسلام

كيفية الصلاة على الميت How to pray for the dead؛ أو كما تعرف بصلاة الجنازة وهي سنة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفرض كفاية، حيث اختصت بها أمة المسلمين وأجمع جمهور العلماء على مشروعيتها، وتعتبر الصلاة على الميت مثل الصلاة المكتوبة من حيث الشروط وهي استقبال القبلة، ستر العورة، الطهارة، استحضار النية، وأن يكون المصلي والمصلى عليه مسلماً، تعرف معنا في هذا المقال على كيفية الصلاة على الميت.

ما هي الصلاة على الميت؟

هي صلاة الجنازة التي تُصلى على المسلم الميت قبل دفنه، وقد حث النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام أمته على اتباع الجنائز وعلى أداء صلاة الجنائز، وذلك كما ورد في أحاديث كثيرة منها:

فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه:(أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُؤْتَى بالرَّجُلِ المُتَوَفَّى، عليه الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: هلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟، فإنْ حُدِّثَ أنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وإلَّا قالَ لِلْمُسْلِمِينَ: صَلُّوا علَى صَاحِبِكُمْ).

تعتبر الصلاة على الميت مثل الصلاة المكتوبة عند بعض المذاهب الإسلامية من حيث شروطها بما في ذلك استقبال القبلة، ستر العورة، الطهارة، استحضار النية، وأن يكون المصلي والمصلى عليه مسلما. حيث شُرعت الصلاة على الميت طلباً للمغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى للميت، وأن يتغمده بلطفه وكرمه، لأن الميت أصبح في حالة غير قادر فيها على العمل أو السعي.

كما يعتبر حضور الصلاة على الميت سببُ لتحصيل الأجر العظيم في الآخرة، لأن فيها مواساة لأهل الميت في مصابهم وتخفيفاً عنهم. حيث وردت العديد من الأحاديث التي تفيد بأنّ للصلاة على الميّت فضل وأجر عظيم للمسلم والمسلمة، ومنها الحُصول على قيراطانِ من الأجر والثواب، وذلك لِقول النبيّ محمد عليه الصلاةُ والسلام:

(مَن صَلَّى علَى جِنازَةٍ ولَمْ يَتْبَعْها فَلَهُ قِيراطٌ، فإنْ تَبِعَها فَلَهُ قِيراطانِ، قيلَ: وما القِيراطانِ؟ قالَ: أصْغَرُهُما مِثْلُ أُحُدٍ). والقيراط هو مقدارٌ عظيمٌ من الثواب يعلمه الله -سبحانه وتعالى

كيفية الصلاة على الميت

تؤدّى الصلاة على الميت في الجنازة بأربع تكبيرات، وتسليم، فهي صلاة لا ركوع فيها ولا سجود، وفيما يلي بيان كيفية الصلاة على الميت عند كل مذهب من المذاهب الفقهية الإسلامية الأربعة:

المذهب الحنفي

قال المذهب الحنفي أن الصلاة على الميت تؤدّى بوقوف المصلي عند صدر الميت، سواءٌ كان الميت رجلاً أو امرأة، مع نية أداء فريضة الصلاة، ثم يكبّر أربع تكبيرات ويتبع ما يلي من الخطوات:

• أولاً تكبيرة الإحرام التي يرفع يديه فيها، ثم يقرأ بعدها دعاء الاستفتاح، الذي يكون بصيغ عديدة واردة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها الصيغ: (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ تبارَكَ اسمُكَ وتَعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرُكَ).
• يكبّر التكبيرة الثانية من دون أن يرفع يديه فيها، ثم يقرأ الصلاة الإبراهيمية، ومن أشهر صيغها: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
• التكبيرة الثالثة من دون رفع اليدين أيضاً، ثم يدعو بعدها للميت ولجميع المسلمين.
• يكبر التكبيرة الرابعة من دون رفع اليدين أيضاً.
• يسلّم عن يمينه، كما ينوي السلام على من عند يمينه، ويسلّم عن يساره، وينوي بها السلام على من عند يساره، ولا ينوي بهما السلام على الميت.
• يسرّ المصلي في كل ما يقرؤه في الصلاة، إلا أثناء التكبيرات الأربع فإنه يجهر فيها.

كيفية الصلاة على الميت عند المالكية

تذهب المالكية أن الصلاة على الميت تؤدى بوقوف المصلي عند وسط الميت إذا كان الميت رجلاً، وعند منكبي الميت، أي كتفيه، إن كان الميت امرأة، ثم ينوي الصلاة على الميت، ويكبر أربع تكبيرات:

• أولاً تكبيرة الإحرام مع رفع اليدين، ولا يرفعها أبداً في باقي التكبيرات، ثم يدعو للميت بعد كل واحدة من التكبيرات الأربع.
•  يسلّم تسليمة واحدة عن يمينه، حيث ينوي بها الخروج من الصلاة.
• يسنّ الإسرار في جميع أقوال الصلاة، وذلك باستثناء الإمام، فإنه يجهر بالتكبير والتسليم، ليسمع المصلون.
• يبدأ المصلي في كل دعاء يدعوه بين التكبيرات الأربع بحمد الله تعالى، والصلاة أيضاً على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

كيفية الصلاة على الميت عند الشافعية

تذهب الشافعية أن الصلاة على الميت تؤدى بوقوف المصلي عند رأس الميت، في حال كان رجلاً، وعند العجز، وهو الجزء الخلفي أسفل العمود الفقري للإنسان، إذا كان الميت امرأة، ثم ينوي المصلي بقلبه ناطقاً بلسانه ما يلي: نويت أن أصلي أربع تكبيرات على من حضر من أموات المسلمين فرض كفاية لله تعالى، ثم يكبّر أربع تكبيرات مع رفع اليدين في كل تكبيرة:

• يكبّر أول تكبيرة وتسمى تكبيرة الإحرام، ويقرأ بعدها الاستعاذة وسورة الفاتحة، من دون أن يقرأ دعاء الاستفتاح، ولا حتى سورة بعد الفاتحة.
• يكبّر التكبيرة الثانية، ثم يقرأ بعدها الصلاة الإبراهيمية وهي: “اللَّهم صلِّ على مُحمدٍ وعلى آل مُحمد، كما صَلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنِّك حميدٌ مجيد، اللَّهم بارك على مُحمدٍ وعلى آل مُحمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميدُ مجيد”
• يكبّر التكبيرة الثالثة، مع الدعاء للميت بعدها بأي دعاء ينفعه لآخرته.
• يكبّر التكبيرة الرابعة، ثم يدعو بعدها بقول: “اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده”، ثم يقرأ بعد ذلك قول الله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ).
• يسلّم المصلي عن يمينه، ناوياً بذلك السلام على من عند يمينه، ويسلّم عن شماله، ناوياً بذلك السلام على من عند شماله.

الصلاة على الميت عند الحنابلة

يقول الحنابلة أن الصلاة على الميت تؤدى بوقوف المصلي بمحاذاة صدر الميت، إذا كان رجلاً، وعند وسطه، في حال كانت امرأة، ثم ينوي الصلاة ويكبّر أربع تكبيرات:

• يكبّر التكبيرة الأولى في البداية وهي تكبيرة الإحرام، مع رفع يديه، ثم يقرأ بعدها الاستعاذة والبسملة وسورة الفاتحة.
• يكبّر التكبيرة الثانية، مع رفع اليدين، ثم يقرأ بعدها الصلاة الإبراهيمية.
• يكبّر التكبيرة الثالثة، مع رفع اليدين، والدعاء بعدها للميت.
• يكبّر التكبيرة الرابعة، مع رفع اليدين أيضاً، ثم يسكت قليلاً، دون أن يقول شيئ وبعدها يسلّم تسليمة عن يمينه، ولا بأس أن يسلم تسليمة عن شماله.

“اقرأ أيضاً: كيفية صلاة العيد في المذاهب الإسلامية“

حكم الصلاة على الميت

أجمعَ الفُقهاء وعلماء المسلمين على أنّ الصلاة على الميت هي فرض من فُروض الكِفاية، أي إذا قام بها البعض يسقطُ الإثم عن الباقين، كما يسقُط بأدائهِ من قِبَلِ مُكلّفٍّ واحدٍ، لكن الأفضل أداؤها في جماعة، فكُلما كان عددُهم أكثر كلما كان أفضل، ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى:

(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُم).

الدليل على ذلك من السُّنة فِعلُ النبيّ محمدعليه الصلاةُ والسلام:

(رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُؤْتَى بالرَّجُلِ المُتَوَفَّى عليه الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: هلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟ فإنْ حُدِّثَ أنَّه تَرَكَ وفَاءً صَلَّى، وإلَّا قالَ لِلْمُسْلِمِينَ: صَلُّوا علَى صَاحِبِكُمْ).

شروط الصلاة على الميت

في إطار الحديث عن كيفية الصلاة على الميت يجب أن تتوفر عدة أمور عند الصلاة على الميت وهي كما يلي:

• وضع الميت يكون مستلقيا على ظهره.
• يكون رأس الميت متجها إلى يمين المصلى ورجليه إلى يساره.
• يجب أن يكون المصلي واقفاً خلفه محاذياً له.
• وجود الميت في المسجد.
• عدم وجود بين المصلي والميت حاجز أو ستار، كما لا يجب أن يكون بينهما مسافة كبيرة، حيث يجب أن يكون البعد بينهما مقدار خطوة أو أقل أو أكثر قليلا.
• يجب أن يكون الميت الذي تقام الصلاة عليه معروفاً حيث لا يشتبه به مع ميت آخر داخل المسجد.

“تعرف المزيد: كيفية صلاة الضحى وفضلها على المسلمين“

دعاء الصلاة على الميت

بعد الإجابة على سؤال كيفية الصلاة على الميت لا بد من التطرق إلى الدعاء الذي يقال في تلك الصلاة، فهناك عدة صيغ من الأدعية التي وردت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها ما يأتي:

• (اللَّهُمَّ اغفِر لحيِّنا وميِّتِنا وصغيرِنا وَكبيرِنا وذَكَرِنا وأنثانا وشاهدِنا وغائبِنا اللَّهُمَّ مَن أحييتَه منَّا فأحيِهِ علَى الإيمانِ ومَن تَوفَّيتَه مِنَّا فتوفَّهُ على الإسلامِ اللَّهُمَّ لا تحرِمنا أجرَه ولا تُضِلَّنا بعدَه).
• (اللهمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأبْدِلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ، وَأهْلاً خَيْراً مِنْ أهْلِهِ وَزَوْجاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأدْخِلْهُ الجَنَّةَ وَأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ).
• (اللَّهمَّ إنَّ فلانَ بنَ فلانٍ في ذِمَّتِك وحبلِ جِوارِك فَقِهِ من فتنةِ القبرِ وعذابِ النَّارِ وأنتَ أهلُ الوفاءِ والحقِّ فاغفر لَه وارحمهُ إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ).
• (اللَّهُمَّ عَبدُكَ، وابنُ أمَتِكَ، احتاج إلى رَحمَتِكَ، وأنت غَنيٌّ عنْ عَذابِه، إنْ كان مُحسِنًا فزِدْ في إحسانِه، وإنْ كان مُسيئًا فتَجاوَزْ عنه).

كيفية الصلاة على الميت قبل ذهابه إلى مثواه الأخير، التي تعتبر فرض كفاية على كل مسلم، وهذا يعني أنها تسقط عن الجميع إن أداها البعض، بشرط معرفة الميت، ولها أركان وشروط وسنن متعارف عليها ووردت عن الرسول الكريم.