ادعية واذكار

ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا – معناها وفضلها

ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا

ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا And whoever fears God, He will make a way out for him، دائمًا يكون الجواب الشافي من معاني كلام اللَّه جلّ عن كل سؤال يعتلج صد المرء وأمان لكل روعات القلب أن الفتح مع التقوى وأن اللَّه حليم بعباده، بابه سبحانه وتعالى واسع والخير في من أدرك الركب واتقى اللَّه وأصلح ذات بينه، وكلما ظن العبد أنه قد بلغ من العلم ما يشاء كان دومًا المزيد في معانيه وأحكامه سيل لا ينضب، لنا وقفة مع آية من خير آيات الذكر الحكيم “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا” (2 الطلاق) فكانت التقوى نذير المؤمن الحريص فقرن اللَّه عز وجل زوال الكريات مع تقوى اللَّه والتي تتعلق بترك الذنوب واتقاء الشبهات والاستزادة في الطاعات.


ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا_سبب النزول

جاء في أسباب نزول الآية أقول كثيرة وقد روي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أن الآية في عوف بن مالك الأشجعي كان له إبن ووضع في الأسر من قبل المشركين وأنزلوا به من ألوان العذاب والتجويع ما اللَّه به عليم، فأرسل إلى أبيه عوف كتابًا أن يرفع مقالته إلى رسول اللَّه صلىٰ اللَّه عليه وسلم فننظر ماذا يقول وهو لا ينطق عن الهوىٰ صلىٰ اللَّه عليه وسلم أن يرسل إليه مكتوبًا يثبته فيه أن يتوكل على اللَّه حق إتكاله وأن يصبر وأن يكون له ورد في الصباح والليل كما قال الله “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ” (129,128التوبة)،  فلما وصله كتاب أبيه إستعصم وجاء ما أوصاه به رسول اللَّه فما لبِث أن اللَّه أذِنَ في أمره وفكَ أسره وجاء إلى الرسول ومعه الغنائم، فأنزل اللَّه في كتابه الكريم “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا” (3,2 الطلاق).

كما جاء في رواية مسندة إلى عبداللَّه بن جابر أن الآية نزلت في رجل من أشجع معدومًا وله أبناء كثر ولا يجد قوت يومه لإطعام العيال فاشتكى إلى رسول اللَّه عليه السلام، فأمره بالصبر والتقوى فعاد إلى ذويه يسألونه ماذا أعطاك رسول اللَّه فأخبرهم بمقاله فعدل أمره والتمس الشفاعة بأمر الرسول، أن صبر واتقى فأخرج اللَّه له ولدًا كان المشركين قد أسروه يحمل إليها غنائم بمقدار ألف شاه فاستفتى رسول اللَّه صلىٰ اللَّه عليه في أمرها فأذن له بإستحلالها إلا أن يكون خمسها لبيت مال المسلمين.

ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا 1
ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا

تفسير آية ومن يتق اللَّه يجعل له مخرجا

جاء في تفسير ابن كثير بشأن الآية أن من يتقِ اللَّه فيما أمره به وترك ما نهاه عنه، يجعل له من أمره مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب أي من جهة لا تخطر بباله.

  • قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : “”وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا” يقول : ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة، “وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”.
  • الربيع بن خُثيم “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا” أي: من كل شيء ضاق على الناس.
  • ابن مسعود ومسروق ابن الأجدع: “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا” يعلم أن اللَّه إن شاء منع، وإن شاء أعطى، “وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ” أي من حيثُ لا يدري.

الموعظة من آية ومن يتق اللَّه يجعل له مخرجا

تعددت مقاصد الآية العظيمة كما أنها تباينت لتشمل أكثر من موقف وهو الحال في جميع آيات القرآن التي توافق خطوب كثيرة ويمكن أخذ العظة في أكثر من موضع وهي تكفيهم جميعًا وقد كان من دلالات الآية العظيمة في الحديث عن الطلاق أنه من يتق اللَّه في الطلاق ويذكر المعروف ييسر اللَّه له أسباب الرجوع أو يعوضه بما خير زيرزقه من حيث لا يحتسب.

  • فضلًا أن إتقاء حرمات اللَّه والبعد عن الشبهات والخوض في الحرام يقي العبد من كريات الدنيا وكربات الآخرة ويقيه عذاب القبر وسكرات الموت ويؤمنه يوم الفزع الأكبر.
  • من أخرج نفسه من ضيق نفسه إلى سعة رزق اللَّه وكفايته وأحسن ظنه ب اللَّه وتوكل على اللَّه ما أهمه ورزقه خيري الدنيا والآخرة، يجعل له من كل ضيقٍ فرجا ويعجل له رزقه من حيث لا يتوقع وفر الوقت الذي تقتضيه حكمته.

جاء في الحديث الشريف عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلىٰ اللَّه عليهِ وسلم يَقُولُ- وأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ: “إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ” -متفق عليه، وتستطرد معاني الحديث استكمال مقاصد الآية أن تقوى اللَّه والحرص على إجتناب المعاصي والذنوب والشبهات ينجي من بلاء الدنيا من وحشة القلب ومحق البركة وضيق الرزق وضلال المسعى وغيرها من بلاءات الذنوب ويوصل العبد إلى مراده الأعظم وهي الجن

ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا 2
ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا

اقرأ أيضًا:

استغفر الله العظيم واتوب إليه فضل عظيم وغفران للذنوب

استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه

دعاء المطر المستجاب وأفضل الأدعية المستحبة عند نزول الأمطار


فضل آية ومن يتق اللَّه يجعل له مخرجا

“وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا” (3,2 الطلاق)،

وعد من اللَّه في الآية بأن يقي نفسه من الوقوع في المحرمات ويتقرب إلى اللَّه بالعمل الصالحة وإقامة الفرائض والتزود بما أمر اللَّه يدفع عنه الضر ويكشف الغم ويكن مخرجًا من الكرب والضيق وتيسير الرزق وتحقيق المنافع العظيمة في الرزق والتوفيق.

  • قد كان لربنا جلّ وعلا الحكمة البالغة في جميع أقداره التي لابد أن نمتثل لها ونصبر على تأخرها فقد قضى سبحانه وتعالى مقادير العباد بميعاد تقتضيه حكمته ولا يستجلبه نظر العبد المحدود.
  • الجدير بالذكر أن الإستطراد في الآية يفيد أن لا يلتبس الأمر من ناحية أن من يأتيه رزقه من الوجه الذي يحتسبه أو في مكان ينتظره منه لا يحسن توكله على اللَّه فهذا خطأ فلكلٍ شأنه وحكمة لا يعلمها إلا اللَّه جلّ جلاله.

قد جاء في قوله تعالى في سورة إبراهيم “وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا” (12 ابراهيم) تأكيد لقوله تعالى وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ أن اللّه كافيه ورازقه إذا إستعان به في أمور دنياه وعاقبة أمره دون الناس فإن اللَّه يتولى أمره ويكفيه ويقدر له رزقه.

تعقيبًا على ذلك ما ذُكر في آيات الذكر الحكيم في سورة النحل “وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ” (68 النحل) أن لللَّه كفل النحلة وأعامها رزقها فلا يعجزه خليفته في الأرض ولا تتعاظمه مسألة.

ومن يتقِ اللَّه يجعل له مخرجا تعتبر من آيات الله سبحانه وتعالى التي تملأ قلب المسلم بالإيمان والصبر على أي مصيبه، عندما يقوم المسلم بترديد هذه الآية فإن الله يفتح له أبواب لا تسعها الدنيا ولا الآخرة حيث يرزقه من حيث لا يحتسب ويطرد عنه كل اذى وكل شر كما أيضا يصرف عنه أي كرب.

السابق
عبارات عن يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم على المسلمين
التالي
أسباب ألم كعب القدم عند النساء

اترك تعليقاً