القراءة والإطلاع ومعرفة ما قدمه علماؤنا العرب للمكتبة الأدبية واللغوية، أمر لا غنى عنه، لتعرف كم كان مؤلفونا العرب متصدرون قائمة علماء اللغة والتاريخ والسياسة والأدب، وأهمهم ابن منظور، والحديث عن مؤلفات ابن منظور Ibn Manzur’s works لا ينتهي ولا يمل منه، فهذا العالم، الذي تعلم الشعر والأدب والإنشاء، وغيرها من العلوم الأخرى على يد كبار علماء عصره، مثل عبدالرحمن بن طفيل وابن المقير، ومرتضى ابن حاتم وغيرهم، لُقب بلسان العرب، نسبة إلى أشهر مؤلفاته، وحصل على الكثير من الألقاب الأخرى، التي ستتعرف عليها معنا الآن.
متى ولد ابن منظور
مادمنا نتحدث عن أهم مؤلفات ابن منظور فمن المهم أن تعرف متى وأين وُلد هذا العالم العربي الجليل، فقد وُلد الأديب وعالم اللغة جمال الدين الأنصاري محمد بن مكرم، الذي لُقب بابن المنظور، في مصر في شهر محرم عام 630 هــ، وكرس كل حياته لدراسة اللغة والنحو والأدب العربي، ودرس التاريخ والصرف وأساليب الإنشاء المختلفة، وظل يطلب العلم ويتبحر في أقسامه ومجالاته المختلفة حتى توفي في مصر عام 710 هـــ.
حمل لقب لسان العرب، وهو أهم مؤلفات ابن منظور وقبل أن يتوفاه الله زخرت المكتبة العربية والإسلامية بحوالي 500 مجلد من مؤلفاته المتنوعة في مجالات الأدب والمطولات والأشعار والنحو والصرف، وإتقان كل العلوم المتعلقة بالأدب العربي، وعمل في ديوان الإنشاء، وتولى شئون ومهام القضاء لفترة من الوقت في مدينة طرابلس، ما ساعده في أن يجدد فيما يكتبه من نثر وأعمال أدبية مختلفة، وازداد جمال المعاني واللغة بها، ثم انتهت تلك المسيرة برحليه بعد أن عاد إلى مصر مرة ثانية وتوفى ودُفن بها.
أهم صفات ابن منظور
يبدو من مؤلفات ابن منظور ومن سيرته التي تناقلتها أجيال العلماء جيل بعد آخر، أنه كان يتمتع بالخلق الطيب والكثير من الخصال والصفات الحميدة، حتى أن بعض من عاصروه وصفوه بالكريم شديد الكرم، والمتواضع شديد التواضع، حافظ على دينه ورفع من شأنه، والتزم إلى جانب القراءة والكتابة والإطلاع، على أداء جميع فرائضه وعلى طاعة الله سبحانه وتعالى.
كان ابن منظور أيضًا هادئ الطباع للغاية، يضبط أعصابه وقت الانفعال، وكان طيبًا ولطيف المعشر أحبه جميع العلماء من جيله، وأصحابه وأصحاب العقول الراجحة، حتى أن جميع الكتاب والنقاد، بأن جميع نثره كان رقيق للغاية وخفيف وبسيط في نفس الوقت.
مؤلفات ابن منظور
مؤلفات ابن منظور متعددة شملت الكثير من النواحي الأدبية والعلمية، وعدد من المؤلفات التي وُصفت بالمختصرات، وفي نفس الوقت تطرقت إلى الكثير من القضايا اللغوية والأدبية، وحافظ على اللغة وعلى من شأنها، ومن أهم هذه المؤلفات ما يلي:
- كتاب لسان العرب في اللغة العربية.
- الجمع بين صحاح الجوهري والمُحكم.
- سرور النفس بفصل الخطاب.
- كتاب تهذيب الخواص من درة الغواص، واحد من الآثار المخطوطة التي يعود أصلها للحريري، وهذبه وأعاد تنقيحه وترتيبه ابن منظور، ورتبه وفقًا لحروف المعجم.
- ذيل على تاريخ ابن النجار.
- نوادر المحاضرات.
- تاريخ دمشق لابن عساكر، الذي يضم 48 مجلدًا، اختصره عالمنا الجليل في 29 جزءً وتمت طباعته في دمشق.
- كتابة لطائف الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة.
- شعر ابن منظور وديوانه.
- المؤلف الشهير مختار الأغاني في الأخبار والتهاني، وهو الاختصار الأوضح لكتابة الأغاني للأصفهاني، وتم ترتيبه وفقًا لحروف المعجم، وخلال عام 1966م، تمت طباعته بإشراف الأديب طه حسين، وخرج منه حوالي 8 مجلدات.
معجم لسان العرب
إذا كنت تسأل عن مؤلفات ابن منظور فمن المهم أن تتعرف عن قرب على أهم وأشهر مؤلفاته، وهو لسان العرب، الذي حمل اسمه طوال حياته حتى آخر يوم بها، وهو الموسوعة الكبيرة والشاملة، لأهم وأكبر معاجم اللغة العربية، وما تجمعه من معاني وألفاظ، واستكمال كافة الكتب والمؤلفات التي أُلفت في هذا المجال، ويتمتع هذا الكتابة بالكثير من المزايا من أهمها:
- جمع به الكاتب بين جميع معاجم اللغة العربية الخامسة التي سبقته، وهي تهذيب اللغة والمحكم والصحاح للجوهري، وحاشية الصحاح لابن بري، والنعاية في غريب الحديث.
- اعتمد فيه على الترتيب “الهجائي”، للحروف ليسهل عليك الوصول للحرف الذي تريده دون عناء، وأبواب الكتاب بُنيت على آخر حرف في الكلمة ثم الأول ثم الثاني.
- يحتوي على حوالي 80 ألف من المواد اللغوية، ما جعله يتفوق على المعجم الذي تلاه وهو المحيط للفيروز أبادي.
- وضع المعجم في نظام الفصول والأبواب، وفي كل باب يعالج حرفًا معينًا، ثم الفصل لكل حرف على حدة، وفقًل لجذر أو أصل الكلمة، وهي نفس الطريقة التي أتُبعت في معجم الصحاح الشهير.
- أطلق عليه المعجم الموسوعي، وجاء بآيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وأبيات شعرية وآراء اللغويين وعلماء النحو في زمنه.
- يتجون من 20 جزءً، في حوالي 300 صفحة أو يزيد، ونال إعجاب جميع العلماء.
- عمدت دائرة المعارف إلى إعادة ترتيبه لأوائل جذور الكلمة وليس آخرها، ما يسهل على الدارسين الوصول لأصل كل كلمة في اللغة، وفقًا للمنهج الحديث المُتبع في معاجم اللغة الحديثة.
لماذا ألف ابن منظور لسان العرب؟
المعاجم العربية وعلى رأسها لسان العرب، يُعد المصدر الأساسي والرئيسي للدارسين للغة والأدب والنحو ، والعلوم المتعلقة باللغة العربية والدرسات اللغوية، واتسعت المجالات البحثية بالمعاجم لتشمل كافة شئون الحياة، سواء الفكرية أو اللغوية أو الأدبية والتاريخية أيضًا، وأهمها كتاب لسان العرب الذي اهتم بجمع الألفاظ المتعلقة باللغة، وتحديد الصيغة الخاصة بها وتوضيح جميع معانيها.
خلال القرن السابع، كان هذا المُعجم واحد من أكبر المعاجم اللغوية، ويحتوي على الكثير من المواد التي تعتني بكافة جوانب اللغة العربية، والشعر والبلاغة والأمثال، وحتى آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، فكان من النادر أن تجتمع هذه العلوم معًا في معجم أو كتاب واحد، وتحول موسوعة التراث العربي الشاملة، وعالج جميع دلالات الحروف ومعانيها، مما يسهل على القارئ أو الدارس معرفتها، وتحول لمرجع ثابت لدراسي علوم النحو والنثر والأدب في عصرنا الحالي والعصور السابقة.
شيوخ وتلاميذ ابن منظور
كان ابن منظور التلميذ والمستمع الجيد لكبار العلماء في عصره، مثل مرتضى بن حاتم وابن المقير، وابن يوسف بن المخيلي، وعبدالرحمن بن الطفيل، أما من رووا عنه وحملوا راية العلم والأدب من بعده، فكانوا من كبار العلماء أيضًا في مصر والعالم العربي، من أهمهم الإمام الذهبي والسبكي في دمشق والقاهرة.
مؤلفات ابن منظور متنوعة تشمل علوم اللغة والأدب والتاريخ والشعر والنثر، نجح في أن يعيد ترتيب وتنقيح وتلخيص أكبر المؤلفات العربية في العصور الإسلامية الوسطى.
