تُعتبر مؤلفات ابن عثيمين The works of Ibn Uthaymeen التابعة للشيخ محمد بن صالح العثيمين من أهم الإسهامات العلمية في الإسلام، حيث تتميز هذه المؤلفات بالوضوح والبساطة، تُقدم شروحًا مفصّلة للعديد من المواضيع الدينية والقانونية، كما تحتوي مؤلفاته على اقتباسات قيّمة يستفاد منها في حياتنا اليومية، إن إرثه المكتوب يُعَد دليلًا ثابتًا وقيِّمًا لأجيال قادمة من الباحثين والطلاب، حيث أشادوا بتاريخه الذاتي وسجله التعليمي، وأثنوا على عرضه المتقن وأسلوبه الواضح في نشر المعرفة، كانت لمؤلفاته تأثير كبير على الجمهور، حيث تُدَرَّس وتُستخدَم ككتبٍ دراسية في المؤسسات الدينية والجامعات، اعتبروا مؤلفاته من المصادر الهامة التي يستفاد منها في فهم أصول الإسلام وتطبيقاتها في حياة المسلمين.
نبذة عن الشيخ ابن عثيمين
جاء محمد بن صالح بن عثيمين إلى الحياة في التاسع من شهر مارس لعام 1929، في مدينة عنيزة الواقعة بمنطقة القصيم، في قلب المملكة العربية السعودية.
- نشأ ابن عثيمين في بيئة محافظة، حيث بدأ بتحفيظ القرآن الكريم في سن مبكرة بإشراف جده الأم، واكتسب مهارات القراءة والكتابة في “مدرسة عبد العزيز الدامغ”.
- واصل تعليمه مع المعلم عبد الله الشحيتان، حيث أتم حفظ القرآن كاملاً قبل أن يصل سن الرابعة عشرة.
- تابع تعليمه في مجال العلوم الدينية وفق إرشادات والده، وتتلمذ على يد العالم الجليل عبد الرحمن بن ناصر السعدي في المسجد الأعظم بمدينة عنيزة، ودرس مواد الفقه، والعقيدة، والصرف والتفسير.
- ثم أكمل رحلته التعليمية في المعهد العلمي بالعاصمة الرياض في العام 1953، حيث تعرف هناك على الشيخ عبد العزيز ابن باز.
- عاد إلى عنيزة في العام 1955 وواصل تعليمه عن بُعد في كلية الشريعة وحصل في نهاية المطاف على درجته الجامعية في الشريعة الإسلامية.
التجربة العلمية للشيخ ابن عثيمين
عقب إتمامه الدراسة في المعهد العلمي بالرياض، تم تعيين ابن عثيمين كمعلم في المعهد العلمي الواقع في عنيزة في العام 1955 وبعد مرور عام، انتقل شيخه عبد الرحمن بن ناصر السعدي إلى رحمة الله، فاستلم ابن عثيمين بعده مسؤولية الإمامة في الجامع الكبير بعنيزة، وكذلك التدريس في المكتبة الوطنية بعنيزة، التي كان قد أنشأها شيخه من قبل.
- عندما ارتفع عدد الطلاب، انتقل للتدريس في المسجد الكبير، حيث تجمع حوله طلاب قادمون من مناطق متفرقة في السعودية. وفي بعض المحاضرات، كان الحضور يفوق المئات.
- استمر في شغل منصب الإمام والخطيب والمعلم حتى توفاه الله.
- تولى التدريس في المعهد العلمي منذ عام 1955 حتى العام 1978.
- انتقل بعدها للتدريس في كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمنطقة القصيم حيث استمر محاضرًا بها حتى وافته المنية.
- كان يقوم بالتدريس في الحرم المكي والمسجد النبوي خلال فترات الحج وشهر رمضان والعطلات الصيفية بدءًا من عام 1982.
- انضم إلى هيئة كبار العلماء في السعودية في عام 1987 واستمر في عضويتها حتى توفي.
- شغل موقعًا في المجلس العلمي لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال العامين الأكاديميين 1978-1980.
- شارك في نهاية مسيرته التعليمية بالمعهد العلمي في لجنة خاصة بالخطط والمناهج التعليمية لهذه المعاهد، وساهم في تأليف العديد من الكتب التي تم تدريسها فيها.
- تولى رئاسة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في عنيزة منذ تأسيسها في العام 1985.
- شغل منصب عضو في اللجنة المعنية بالتوجيه والإرشاد خلال موسم الحج من العام 1972 واستمر فيه حتى وقت وفاته.
حياة ابن عثيمين التعليمية
وقد قام الشيخ، رحمه الله، بتوظيف جهود جبارة ومختلفة في المجال التعليمي:
- إمام وخطيب يعلم أهل المسجد .
- مدرِّس في الجامعة يعلِّم الطلبة .
- يعمل معلمًا في مواقيت البركات كأوقات الحج والعمرة ضمن أروقة المسجد النبوي والمسجد الحرام، حيث يقدم التعليم للزوار القادمين من شتى أنحاء الأرض.
- مدرِّس ومفتٍ في المذياع .
- ينتمي إلى “هيئة العلماء الأجلاء” التي تبحث وتدرس القضايا المعقدة والحوادث الطارئة.
- كاتب وصاحب مؤلفات ونشرات وكتيبات موزعة عبر الأرجاء الأربعة للكرة الأرضية.
- معلم للمسلمين خارج المملكة من خلال استخدام الهاتف.
- يقدم الاستشارات الدينية للأفراد عبر الهاتف في أوقات محددة حتى داخل حدود الدولة.
- يقدم محاضرات ودروسًا دينية وخطبًا توجيهية في مختلف مساجد البلاد أثناء زياراته للمناطق المتعددة فيها.
مؤلفات ابن عثيمين
يمتلك الشيخ -رحمه الله- العديد من التفاسير لمجموعة من الكتب، بعضها من تأليفه والبعض الآخر لمؤلفين مختلفين، ومتابعة لنعم الله عليّ، فقد استمعت إلى قدر كبير من تلك المواد العلمية، وكنت حريصًا على تقديم الشرح لكل ما استقيته من علوم الشيخ بشكل شبه كامل، من بين هذه الدروس والتوضيحات ما يظهر مرارًا وتكرارًا، ومن ضمنها:
- شرح الأصول من علم الأصول.
- شرح زاد المستقنع.
- شرح أبواب من صحيح البخاري .
- أبواب من صحيح مسلم.
- ألفية ابن مالك.
- الآجرومية.
- العقيدة السفارينية.
- كتاب التوحيد .
- الواسطية .
- التدمرية.
- الحموية.
- شرح البيقونية .
- شرح نخبة الفِكَر.
- الأجزاء الأخيرة من القرآن.
- قام بتوضيح محتويات عدة سور من القرآن مثل سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والأحزاب، وسبأ، والتي شملت توضيحات متعمقة واستخلص منها العبر والقوانين المتنوعة.
- شرح بلوغ المرام ” .
قصة وفاة الشيخ ابن عثيمين
في العام 2001، بدأ الشيخ ابن عثيمين يلاحظ ضعفًا في قوة البصر لديه، الأمر الذي كان يمثل الإشارة الأولى إلى وجود مرض ما، بعد ذلك بدأت الآلام تتزايد وتتفاقم في جسده، وعقب العديد من الفحوصات الطبية، تبين للأطباء متأخرًا أن الشيخ مصاب بأورام سرطانية في الكبد والرئتين، خضع الشيخ لمجموعة من العلاجات سواء داخل البلاد أو في الخارج، حيث يبرز من بينها رحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العلاج بناءً على أوامر الأمير الذي يحكم منطقته.
- واصلت الفحوصات الطبية لمدة عشرة أيام هناك بالخارج، بعدها عاد إلى أرض السعودية ليكمل مسيرة علاجه، لكن الوضع الصحي للشيخ ابن عثيمين كان يتدهور تدريجياً مع مرور الأيام.
- لم يكف الإمام ابن عثيمين عن تقديم الفائدة للأفراد بما تفضل الله عليه من معرفة، حتى أثناء معالجته، فواصل تبليغ دروسه العلمية في رمضان داخل الحرم الشريف، وكان يستجيب لاستفسارات الناس بالأحكام الشرعية التي يسألون عنها.”
- ألقى الشيخ الدرس مرتديًا جهاز تنفس الأوكسجين على وجهه، وكان ذلك درسه الختامي في مساء اليوم الثلاثين من رمضان داخل الحرم المكي. وقد وجه كلمة وداعية إلى تلاميذه معبرًا عن أن تلك الليلة تصادف اكتمال الثلاثين يومًا من الشهر الفضيل، وأن الله وحده العالم إذا ما ستكون هذه الجمعة هي آخر تجمع لهم في هذا الشهر الكريم داخل الحرم الشريف.
- انتقل إلى رحمة الله في عصر يوم الأربعاء الموافق 15 من شهر 10 لعام 1421 هجريًا، والذي يقابل 11 من نوفمبر 2001 ميلاديًا، بمدينة جدة. وأقيمت صلاة الجنازة عليه في الحرم المكي بعد صلاة عصر ذلك اليوم وحضرها عدد هائل من المصلين.
- تمت مراسم دفنه في مقبرة العدل في مكة المكرمة، حيث ووري الثرى إلى جانب قبر شيخه الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمهما الله.
- اليوم الذي يلي يوم الجمعة، وبعد أداء الصلاة، أُقيمت صلاة الجنازة الغيابية للشيخ ابن عثيمين في جميع أنحاء المدن السعودية، تغمده الله برحمته.
مؤلفات ابن عثيمين تتوافر عبر موقع إلكتروني جديد يحتوي على كتب الشيخ ومحاضراته المسجلة، وإذا تم الاهتمام به والعناية لمستوى كافٍ، كما حدث مع موقع الشيخ ابن باز، فمن المؤكد أنه سيصبح منصة ذات محتوى دعوي غزير ومهم.
