ما هو تعويم الجنيه What is pound float وما هو أثر التعويم على المواطنين؟ في ظل الظروف الحالية يشهد الجميع مجموعة من التغيرات الاقتصادية والسياسية الواقعة على مستوى عالمي، وليس فقط على الصعيد المصري، فالتقلبات بأسعار العملات من شأنها أن تُحدث جدلًا واسعًا وتقلبات ملحوظة في أسعار السلع والخدمات بين عشية وضحاها، مما جعل مصلح تعويم العملات ينتشر خاصة بعدما تعرض الجنيه إلى أكثر من تعويم خلال فترة وجيزة، ولذلك حرصنا إلقاء الضوء على هذا المصطلح لتوضيح المغزى منه وتأثيره على المجتمع المصري.
ما هو تعويم الجنيه
تعويم الجنيه هو نظام يعمل على تحديد سعر الجنيه بناء على العرض والطلب عليه بالنسبة لعملات الدول الأخرى، وسوق الفوركس هو المسؤول عن هذا النظام، حيث لا تتدخل الحكومة في تحديد سعر الجنيه، على عكس العديد من دول العالم الذي تتولى فيه الحكومة مسؤولية تحديد سعر عملتها.
نجد أن سعر العملة ينخفض بمجرد تراجع الطلب عليها، مما يترتب عليه ارتفاع قيمة الواردات إلى مصر، ويحدث العكس ويرتفع سعر الجنيه عند ازدياد الطلب عليه، وبالتالي تنخفض قيمة البضائع المستوردة.
أثر تعويم الجنيه على المواطن المصري
بعد التعرف على ما هو تعويم الجنيه، نجد أن حدوث التعويم في ظل الوضع الاقتصادي المتدني، وانخفاض قيمة النقد الأجنبي، يترتب عليه العديد من النتائج في المجتمع المصري التي تتمثل فيما يلي:
- ارتفاع كبير في الأسعار خلال وقت قصير.
- قيمة الجنيه المصري سوف تنخفض بشكل كبير.
- رفع الأسعار الخاصة بالسلع والخدمات سواء كانت مستورده أو محلية.
- ارتفاع مستوى التضخم بالبلاد.
- سوف تسعى الحكومة لزيادة الاحتياطي عن طريق الودائع والقروض من عدة دول مثل السعودية والإمارات والصين.
لماذا تعويم الجنيه الآن؟
صرح بعض خبراء الاقتصاد أن تعويم الجنيه أمر مهم في هذه المرحلة، حيث تتعدد المشكلات التي تعاني منها البلاد وهي سوء الوضع الاقتصادي، ونقص النقد الأجنبي، ونسبة الاستيراد أكبر من التصدير، وهذا كله بحاجة إلى التعويم، من أجل جذب الاستثمارات، مما يترتب عليه تقليص معدلات البطالة، والقضاء على السوق السوداء للعملة.
بالتعرف على ما هو تعويم الجنيه، نجد أن التعويم في صالح كل من رجال الأعمال والمستثمرين، ولكن في حقيقة الأمر ننوه على أن كافة الأسباب التي تم صرح عنها خبراء الاقتصاد عبارة عن أسباب فرعية؛ ولكن السبب الأساسي يتمثل في بعثة صندوق النقد الدولي التي طالبت بتعويم الجنيه، حتى يتم الموافقة على القرض بقيمة 12 مليار دولار، بجانب رفع الدعم الذي نُفذ بالفعل، وهذا يُشكل أثرًا سلبيًا على المواطنين.
تاريخ تعويم العملات
انطلاقًا من تعريف ما هو تعويم الجنيه سنلقي الضوء على نشأة نظام التعويم بشكل عالمي، حيث بدأ بعد بعد توقيع اتفاق بريتون ووذز وصندوق النقد الدولي، وكان هدفه يتمثل في تسهيل أنظمة التبادل، وكان يعتمد نظام تسعير العملة على الذهب بشكل كلي؛ فكانت قيمة العملة الواحدة تساوي مقدار معين من الذهب، لكن بعد ما انهار هذا النظام المعروف بمسمى سعر الصرف نشأ نظام تعويم العملة.
أنواع تعويم العملة
لن يكتمل التعرف على ما هو تعويم الجنيه، إلا من خلال ذكر أنواع التعويم المعروفة، والتي تنقسم إلى نوعين نوضحهم من خلال ما يلي:
1- تعويم العملة الخالص
التعويم الخالص يعتمد بشكل مباشر على مدى قوة الطلب على العملة وحجم التوريد، ليس أكثر من ذلك، وبدون أي تدخلات من الحكومة، وهذا ما يجعله من أخطر أنواع التعويم لما يترتب عليه من تقلبات شديدة تتمثل في ارتفاع العملة أو انخفاضها بشكل سريع، وتتضح خطورته في التأثير على النشاط التجاري للبلاد سواء كان بالسلب أو الإيجاب.
2- تعويم العملة الموجه
يعتمد هذا النوع من التعويم على نظام لتحديد سعر الصرف، وفق توجيهات خاصة من الحكومة والبنوك المركزية من أجل السيطرة على أي تذبذبات قد تؤثر على قيمة العملة وتلحق الضرر على التعاملات الدولية، ولهذا نجد أن هذا التعويم يصب في مصلحة العلاقات والتعاملات التجارية بين الدول.
أسباب تعويم العملة
لجأت العديد من الدول إلى اتباع نظام تعويم العملة نظرًا لعدة أسباب مختلفة؛ نوضحها بالتفصيل من خلال ما يلي:
- انهيار نظام بريتون وودز: لقد كان هذا الانهيار نتيجة العجز الكبير في مستوى السيولة العالمية من الدولارات الأمريكية، وذلك نتيجة عجز الميزان التجاري.
- الارتفاع في معدلات التنافس: ازدياد التنافس بين كبرى الدول الصناعية نتيجة تضارب المصالح الشخصية فيما بينهما.
- زيادة حجم المضاربة بين العملات: من أهم الأمور التي أثرت على زيادة حجم المضاربة بين العملات هي تمويل الدولارات لحركة المضاربة للجنيه الاسترليني، والفرنك الفرنسي، والليرة الإيطالية في أواخر الستينات.
- معدلات النمو الاقتصادي المتباينة: بروز التباينات الاقتصادية بين القوى الكبرى لتنافس أمريكا مثل اليابان، وأوروبا الغربية.
هل توجد فائدة من تعويم العملة؟
قد يسودنا القلق والتفكير السلبي عند التعرف على ما هو تعويم الجنيه، لكن في حقيقة الأمر يوجد جانب إيجابي وفائدة لهذا التعويم تتمثل فيما يلي:
- الاستقرار في ميزان المدفوعات: التغيير في سعر صرف العملة له تأثير ملحوظ على المعاملات الدولية، وبالتالي يتم تحديد نظام يساعد على توازن ميزان المدفوعات.
- حرية التبادل الأجنبي: يساهم تعويم العملة في التيسير من نظام تبادل العملات دون قيود حكومية أو التزامات، مما يخفف الأعباء عن البنوك المركزية والحكومات.
- رفع كفاءة السوق: حدوث تغيير في سعر الصرف في الأسواق العالمية يعمل على تدفق المحافظ بين الدول، وبالتالي رفع كفاءة السوق العالمية.
- عدم الحاجة لاحتياطات النقد الأجنبي للدفاع عن سعر الصرف: يمكن للدولة تخصيص المبالغ الاحتياطية من أجل الحفاظ على العملات الأجنبية، بل يمكن استغلاله في استيراد السلع الرأسمالية لانتعاش النشاط الاقتصادي.
- زيادة المرونة في التعاملات المالية: يتيح نظام تعويم العملة للبنوك المركزية الحصول على كميات كبيرة من العملة عند ارتفاع قيمتها، مما يجعلها في عملية تغذية مستمرة.
مخاطر تعويم العملة
يترتب على نظام تعويم العملة مجموعة من المخاطر التي تتضح كما يلي:
- التقليص من حركة الانتعاش الاقتصادي.
- التعرض المباشر لمخاطر تقلبات أسعار الصرف المتكررة، والتي تحدث على المدى القصير، مما يؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الكلي للبلاد.
- زيادة السلبيات في الدول التي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة، والتضخم.
- لا تتمكن الدولة من تحديد استراتيجية على مدى بعيد، ولا يمكنها كذلك العمل على أساسها، حيث تلجأ إلى تخصيص مواردها من أجل السيطرة على حجم الخسائر قدر المستطاع.
- الاضطرار إلى المضاربة في بورصات العملات العالمية، فتقوم الدولة صاحبة التعويم بالشراء والبيع اليومي في العملات، وهذا له تأثير سلبي واضح على سعر صرف عملتها.
في نهاية المطاف نرجو أن نكون قد أوضحنا ما هو تعويم الجنيه، فهو وسيلة الدولة للسيطرة على حجم ميزان المدفوعات بغرض تعزيز الاستثمار وجذب المستثمرين.
